الاثنين، 18 نوفمبر 2013

الفلاح الآلي: ثورة صناعية جديدة

هل تستطيع الروبوتات أن تتفوق على الفلاحين بتوفير الغذاء للعالم المتنامي سكانيًّا وتساعد في ذات الوقت على حماية البيئة؟

تستطيع الروبوتات إحداث تغييرات كبيرة في المهام الزراعية وطريقة عمل الفلاحين.
في المرة المقبلة عندما تقف أمام ماكينة الدفع في السوبر ماركت، فكِّر في الفلاحين الذين ساعدوا في ملء سلة تسوقك. إن حياتهم صعبة الآن، وتأكد أن هذا سيعني مزيدًا من الارتفاع في أسعار طعامك ومزيدًا من الأوقات الصعبة في حياة الملايين في العالم الذين يعد نقص الطعام بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت. الأسوأ من هذا أن الدراسات تشير إلى أن العالم سيحتاج إلى ضعف كمية الطعام بحلول عام ٢٠٥٠. لكن بينما يتعين على الفلاحين زراعة مساحات أكبر من الأرض الزراعية، لا بد أيضًا أن يقللوا من تأثيرهم على البيئة. كل هذا يعني إعادة التفكير في طريقة ممارسة الزراعة، والارتقاء بالأتمتة إلى مستوى جديد تمامًا.
في المزارع المُعدة وفق النموذج الجديد ستكون الدقة هي الأساس، فلماذا تغطي حقلًا كاملًا بالمواد الكيميائية إذا كنت تستطيع أن تنثرها في الأماكن التي تحتاجها فقط؟ يمكن أن يحصل كل نبات على الكمية المناسبة بالضبط من كل شيء، دون زيادة أو نقصان، وهي طريقة من شأنها خفض استخدام المواد الكيميائية وتحسين المحاصيل في خطوة واحدة. لكن قول هذا أسهل من تطبيقه؛ فقد تمتد أكبر المزارع في أوروبا والولايات المتحدة على مساحة آلاف الأفدنة، ولهذا السبب تُعد الأتمتة مفتاح الدقة الزراعية. ويحتاج تحقيق هذه الدقة في المجال الزراعي على وجه التحديد إلى فلاحين آليين، وفقًا لرأي المهندسين الزراعيين.
ربما نرى قريبًا حقولًا بها روبوتات زراعية تستطيع التعرف على الأنواع المختلفة للشتلات وتضع عليها قطرات محددة من السماد ورشفات مقدرة من الماء، وربما تميز آلات أخرى الأعشاب الضارة وتقتلها بقُطَيْرة من مبيد الآفات، أو لسان لهب من مسدس لهب أو شعاع من جهاز ليزر عالي الطاقة. وستتمكن هذه الآلات أيضًا من التعرف على كافة أنواع الخضراوات الناضجة وحصادها.
تستطيع الروبوتات إحداث تغييرات جذرية كذلك في المهام وكيفية عملنا، وفي التربة وجودتها، وفي كمية الطاقة — وبالتالي كمية الكربون — التي تدخل في الزراعة. وتستطيع الحد من التلوث واستخدام المياه، غير أن أكثر التغيرات الملموسة من وجهة نظر الأشخاص العاديين قد يتمثل في مظهر الأرض الزراعية. يمكن زراعة المحاصيل في حقول صغيرة مُعدة هندسيًّا، بينما تعج مزارع الفاكهة بصفوف من الأشجار ثنائية الأبعاد. بل إن الفلاح الآلي يمكنه التأثير على نوع الفاكهة والخضراوات التي تصل إلى رفوفنا.
بالفعل حولت الميكنة التي استمرت لفترة تزيد على قرن من الزمان حرفة الزراعة إلى نشاط صناعي في كثير من أرجاء العالم، حيث أصبحت مزارع الحبوب من بين أكثر المزارع استخدامًا للنظام الآلي. لكن عملية القطف آليًّا تتم أيضًا لمجموعة متنوعة من المحاصيل الأخرى — مثل البرتقال والطماطم — التي تدخل في صناعة الأطعمة المعالجة. وفي الآلاف من مزارع الألبان يجري حاليًّا حلب الأبقار باستخدام روبوتات، وتصل هذه المنتجات، وغيرها من المنتجات، إلى متجرك المحلي دون أن تلمسها يد بشرية.
بيْد أن الموجة القادمة من الآلات الزراعية ذاتية التحكم تعمل بالفعل بجد. ربما تكون قد رأيتها ولم تلقِ لها بالًا، حيث تتخفى هذه الروبوتات في صورة جرارات. العديد من الجرارات المستخدمة اليوم ذاتية التوجيه، وتستخدم نظام تحديد المواقع العالمي في عبور الحقل، وتستطيع كذلك أن «تتحدث» إلى أدواتها؛ مثل المحراث أو المرذاذ، وتستجيب لها الأدوات. فأداة الجزِّ ستُبلغ الجرار قائلة: «أنت تسير بسرعة كبيرة» أو «انعطف يسارًا»، وفقًا لرأي سيمون بلاكمور الذي يجري أبحاثًا في التكنولوجيا الزراعية بجامعة هاربر أدامز يونيفرسيتي كوليدج بالمملكة المتحدة. ويضيف أن هذه الأنظمة أصبحت القاعدة لا الاستثناء.
أيضًا بدأت المركبات الزراعية يتحدث بعضها إلى بعض، فعلى سبيل المثال طُرح للبيع هذا العام نظام طوره جون دير يتيح لماكينة درَّاسة حصادٍ أن تستدعي مقطورة جرار حتى يتمكن السائق من تفريغ الحبوب. ابتكرت شركة فينت الألمانية جرارات تُستخدم في ثنائيات حيث يُقاد أحدها يدويًّا، أما الثاني فيُوجَّه ذاتيًّا ويحاكي حركات الجرار الأول في صف مجاور له. يستطيع هذا النظام أن يوفر بكفاءة نصف الوقت الذي يقضيه الفلاح في الحقل، وهذه مجرد بداية.
ومع ذلك، عندما تنزل الأنظمة التي تعمل بتوجيه ذاتي كامل إلى الحقل، فسوف تكون مختلفة اختلافًا تامًّا عن الجرارات؛ نظرًا للحجم والوزن الهائلين اللذين تتمتع بهما الآلات الزراعية الحالية، فإن لها عيوبًا واضحة: حيث تضغط التربة وتقلل مساميتها وتقتل الكائنات المفيدة؛ مما يؤثر سلبًا على نمو المحاصيل. إضافةً إلى أن الضغط يزيد تآكل التربة الناتج عن جريان مياه الأمطار. يقول بلاكمور: «لماذا نحرث الأرض؟ السبب الرئيسي هو إصلاح التلف الذي أحدثناه بجراراتنا الضخمة.» ويضيف: «يُستهلك ما يصل إلى ٨٠٪ من الطاقة التي تدخل في الزراعة لإصلاح هذا التلف. بالتأكيد هناك فرصة لأداء الأشياء بطرق مختلفة.»
يعتقد بلاكمور أن أساطيل من الروبوتات الخفيفة ذاتية التحكم تستطيع حل هذه المشكلة، ويقول إن استبدال دقة الهدف بالقوة الغشماء هو المفتاح، ويضيف بلاكمور: «لا تحتاج البذرة إلا لسنتيمتر مكعب واحد من التربة لتنمو فيه؛ فإذا زرعنا هذا الجزء فقط لا نكون قد استهلكنا سوى كميات ضئيلة من الطاقة وستستمر النباتات في نموها على نحو جيد.»
يمكن أن تغني هذه الروبوتات الخفيفة عن الحرث تمامًا، وتقلل إلى حد بعيد كمية الطاقة — ومن ثم انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون — الناتجة عن الزراعة. ومع خفض الضغط، تحتفظ التربة ببنيتها وبالكائنات العضوية المفيدة، وتستطيع امتصاص المزيد من المياه وتظل خصبة لفترة أطول.
ثمة روبوتات ذاتية التحكم تمتلك هذا النوع من القدرات وتعمل بهمة في تجارب ميدانية. تحتاج الروبوتات الزراعية هذه إلى ثلاث قدرات رئيسية: التنقل وتفسير المشهد أمامها والقدرة على مساعدة الفلاح عن طريق حرق الأعشاب الضارة أو وضع مادة كيميائية أو جني المحصول.
تُعد أنظمة الملاحة أبسط طرف في المعادلة، خاصةً بعد ظهور تقنية للملاحة بالغة الدقة تستخدم فيها الأقمار الصناعية ويُطلق عليها «آر تي كيه-جي بي إس» التي تمكِّن الآلات من تحديد موقعها في نطاق ٢ سنتيمتر. يطوِّر آرنو راكلزهاوزن بجامعة يونيفرسيتي أوف أبلايد ساينسز في أوزنابورج في ألمانيا هذه التقنية في فلاح آلي نمطي يُدعى بونيروب. يستخدم هذا الآلي الجوال رباعي العجلات كاميرات التصوير الطيفي لتمييز النباتات الخضراء في تربة بنية. ثم يسجل موقع النباتات كل على حدة، ويعاود زيارة كل منها أثناء الموسم ليراقب نموها (لاندتكنيك، مجلد ٦٧، صفحة ٣٧).

مسدس القضاء على الأعشاب الضارة بالليزر

يُعد التخلص من الأعشاب الضارة هدفًا مرغوبًا للغاية؛ نظرًا لأنها تقلل ناتج بعض المحاصيل بنسبة تتجاوز ٥٠٪. ومن ثم، ينوي راكلزهاوزن بعد ذلك أن يزود هذا الروبوت بنظام رش دقيق — استنادًا إلى طابعة ضخ الحبر — يضع نقاطًا صغيرة من مبيد الأعشاب على أوراق الأعشاب الضارة. وحسب تقديراته، فإن هذا سيقلل استخدام المواد الكيميائية بنسبة تصل إلى ٨٠٪، حتى إذا أخذنا في الاعتبار الاستثمار الأولي في هذا الروبوت، فستكون التكلفة الإجمالية أرخص من إزالة الأعشاب الضارة بالطرق التقليدية وفقًا لحسابات بلاكمور. ثمة مزايا واضحة للتنوع الحيوي أيضًا عن طريق تقليل عدد النباتات التي تقتلها مبيدات الأعشاب إلى أدنى درجة ممكنة. علاوةً على هذا، فإن وضع مبيد الأعشاب لا يُعد الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها الروبوتات قتل الأعشاب الضارة: تشمل النماذج الأولية مسدسات لهب فعالة وأجهزة ليزر لحرق الأعشاب الضارة، وهذا سيكون مفيدًا جدًّا في الزراعة العضوية.
يمكن التوفير كذلك في استخدام الأسمدة: إذ أظهرت التجارب الميدانية أنه باستخدام أجهزة استشعار لقياس نسب النيتروجين في نبتة القمح، يستطيع الروبوت تحديد كمية السماد الذي يضيفه وخفض إجمالي الكمية المستخدمة لأكثر من ٨٠٪، دون نقص في المحصول (سويل ساينس سوسايتي أوف أمريكا جورنال، مجلد ٧٣، صفحة ١٥٦٦). قد يؤدي تراجع استخدام الأسمدة بالإضافة إلى انخفاض جريان المياه من التربة الأقل انضغاطًا إلى تحسين جودة الأنهار والمجاري المائية. هذا بالإضافة إلى حقيقة أن الإنتاج الصناعي للسماد يسهم بدرجة هائلة في الانبعاثات الكربونية.
التحدي التالي هو كيفية التمييز بين العشبة الضارة والمحصول. يطور الباحثون أنظمة رؤية آلية تستخدم شكل الأوراق للتمييز بين الأعشاب الضارة وقصب السكر مثلًا، غير أن التقدم يسير ببطء وفقًا لرأي صلاح سكرية الباحث في علم الروبوتات بالمركز الأسترالي لعلم الروبوتات الميدانية في مدينة سيدني، نظرًا للافتقار إلى التمويل. ويقول: «إذا توافر لي مال من أجل الروبوتات الزراعية كالذي تدره مشروعات التعدين والدفاع، لحللت المشكلة، لكن الزراعة لا توفر مالًا كافيًا. علينا أن نتعلم من الصناعات الأخرى. إنه أثر انتشاري.» ومع ذلك هو يتنبأ بالانتهاء من مشروع الرؤية الآلية في غضون ثلاث سنوات تقريبًا.
لا يرى بلاكمور هو الآخر أي أسباب تكنولوجية تمنع الطرح التجاري للروبوتات الزراعية. أوضحت الاختبارات التي أُجريت على روبوتات مزودة برؤية آلية مثل الروبوت الدنماركي «هورتيبوت» قدرتها على التعرف على الأعشاب الضارة في الحقل ورشها بكميات دقيقة من مبيد الآفات. وتشير اختبارات أخرى إلى أن أنظمة الري الآلية يمكنها خفض استخدام المياه إلى النصف. في هذا الصدد يقول: «إنها فقط مسألة العثور على الاستثمار. لقد طُورت جميع الوسائل التكنولوجية.»
في اليابان، تولت الحكومة الأمر بنفسها. تزرع البلاد حاليًّا ٤٠٪ من غذائها، مما يجعلها أكثر اعتمادًا على الواردات من أي دولة أخرى، لكن الحكومة تسعى لزيادة هذه النسبة إلى ٥٠٪ خلال العقد القادم. ومع ارتفاع نسبة الشيخوخة بين السكان مما يقلص قاعدة المزارعين المحتملين، تتجه اليابان نحو استخدام الروبوتات.
يرأس نوبورو نوجوتشي الذي يعمل بجامعة هوكايدو مشروعًا يستمر على مدار خمسة أعوام وبتكلفة ٨ ملايين دولار، تموله وزارة الزراعة والغابات ومصايد الأسماك في اليابان، يهدف إلى طرح الروبوتات الزراعية في السوق. يهدف المشروع إلى أتمتة كل شيء بدءًا من الزراعة ووصولًا إلى الحصاد، وسيركز على ثلاثة محاصيل أساسية؛ هي: الأرز والقمح وفول الصويا. بحلول عام ٢٠١٤، يخطط الفريق لإخضاع روبوتاته الزراعية للتجارب الميدانية في المزارع. يقول نوجوتشي: «بعد خمس سنوات من الآن، نريد أن نجعلها متاحة للبيع.»
أحد المخاوف الأساسية التي يواجهها نوجوتشي هو خطورة أن يصطدم الروبوت بالمشاة أو يخيف الماشية فيجعلها تشرد، لذا يعمل مع الشركة الهندسية الألمانية بوش على تطوير روبوتات مزودة بأجهزة ليزر وأجهزة استشعار فوق صوتية تراقب الأجواء المحيطة بها وتضغط على المكابح في حال رصدها لتصادم وشيك. وكإجراء احترازي، يوجد مخفف صدمات حساس يوقف الروبوت حال اصطدامه بأي شيء.
الأماكن الأخرى التي في طريقها لأن تعاني مشكلة العجز في العمالة الزراعية بعد اليابان — التي يُرجح ظهور الفلاحين الآليين بها في أسرع وقت ممكن — هي أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية. وينطبق الأمر نفسه على الأمم التي تحقق نموًّا سريعًا مثل الصين. يقول إلدرت فان هينتن الباحث في علم الروبوتات بجامعة فاخنيجن في هولندا: «إن العمل في الزراعة ليس ممتعًا ولا مرموقًا ولا يكافأ عادةً بمقابل مادي مجزٍ، علاوةً على أنه غير نظيف ويتطلب مجهودًا عضليًّا كبيرًا؛ لذا يفضل الناس الانتقال إلى المدن والعمل في المصانع أو في وظائف مكتبية.» ويضيف: «مع تزايد أعداد السكان وتنامي حاجتهم إلى الغذاء، يقل عدد من يرغبون في العمل بالزراعة بسرعة كبيرة.»
درست ليندا كالفن، خبيرة الاقتصاد في وزارة الزراعة الأمريكية، بالاشتراك مع فيليب مارتن، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في دافيس — بعض التوجهات في مجال الميكنة للتنبؤ بكيفية سير العمل في مزارع الولايات المتحدة مع تناقص الأيدي العاملة. حتى الآن، تظل الأعداد مرتفعة بفضل العمال المهاجرين في الأساس من المكسيك، لكن تدفق المهاجرين بدأ يتباطأ والعديد منهم في الولايات المتحدة يعودون أدراجهم إلى أوطانهم. أجرى مركز الاستقصاء الوطني للعمال الزراعيين التابع لوزارة العمل الأمريكية مقابلات مع أكثر من ٥٠ ألف عامل بالمزارع على مدار اﻟ ٢٥ عامًا الماضية. كان أكثر من نصف المشاركين في استقصاءات أُجريت حديثًا مهاجرين غير شرعيين، لكنه حتى بين أفراد هذه الفئة الذين يمثِّل لهم الوضع القانوني والتعليم واللغة عقبات في سبيل اشتغالهم بوظائف أخرى، يتخلى أغلبهم عن العمل الزراعي بعد أقل من عقد مستعيضين عنه بأعمال تتطلب مجهودًا عضليًّا أقل.
يرى كالفن ومارتن أن تكاليف التوظيف المتزايدة أدت إلى تبني التكنولوجيا الزراعية الموفرة للعمالة في الماضي، ويسوقان صناعة الزبيب كأحد الأمثلة على هذا. ففي عام ٢٠٠٠، أدى الحصاد الغزير إلى تحطيم الأسعار، ومع تناقص الأرباح بحث المزارعون عن التوفير. ولأن العمالة كانت الأكثر تكلفة — حيث كانت تمثل ٤٢٪ في المتوسط من نفقات الإنتاج في مزارع الولايات المتحدة — بدءوا يستخدمون آلة حصاد مأخوذة عن آلة كان يستخدمها صناع النبيذ. بحلول عام ٢٠٠٧، كان قرابة نصف إنتاج الزبيب في كاليفورنيا يجري حصاده آليًّا وانخفضت العمالة التي كان يصل عددها يومًا ما إلى ٥٠ ألفًا لتصل إلى ٣٠ ألفًا فقط.
قد لا تكون الروبوتات الزراعية في مصلحة العمال الذين يعتمدون على حرفة الزراعة لكسب لقمة العيش، ولكن ماذا عن الفلاحين أنفسهم؟ في حين تشير الدراسات إلى أن الحلب الآلي يؤثر تأثيرًا طفيفًا على الأرباح الإجمالية، توفر الآلات على فلاحي مزارع الألبان مهمة الحلب اليومي. لكن وفقًا لتقديرات بلاكمور، فإن الروبوتات الزراعية يمكن أن تحقق أرباحًا مالية كبيرة، حيث تقلل تكاليف إزالة الأعشاب الضارة بنسبة ٢٠ في المائة لكل هكتار تقريبًا في حقول الحبوب أو بنجر السكر. ويجب أن تكون الأرباح أعلى في حالة الفلاحين العاملين في الزراعة العضوية، حيث تشكل العمالة أكثر من ٥٠ في المائة من إجمالي تكاليفهم. تقترح دراسة أُجريت على الزراعة العضوية في الدنمارك أن الروبوتات الزراعية تستطيع أن تقلل تكلفة إزالة الأعشاب الضارة إلى النصف، بمجرد احتساب تكاليف الآلات والصيانة.

المزارع الصالحة لإدخال الروبوتات

يعبر جوش سترايد عضو جمعية التربة بالمملكة المتحدة التي تدعم الزراعة العضوية عن سعادته بتوقعات ظهور تكنولوجيا تستطيع الحد من استخدام المواد الكيميائية، لكنه يحذر من أننا نحتاج أيضًا إلى أخذ المخاطر في الحسبان، ويقول: «يجب أن يعتمد إدخال أي تكنولوجيا جديدة على قدرتها على تحقيق مزايا ملموسة.»
هل تستطيع الآلات الزراعية خفض أسعار الخضراوات والفواكه مثلًا؟ يرى بلاكمور أن هذا محتمل، ويرى أيضًا أن العديد من العوامل تتحكم في سعر الغذاء، بدءًا من الطقس ووصولًا إلى حرب الأسعار بين المتاجر، وهذا يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت الأتمتة ستؤدي إلى انخفاض أسعار الفواكه والخضراوات على المدى البعيد. غير أن خفض الطاقة المستهلكة في الزراعة من المفترض أن يتيح لنا فرصة إبقاء الأسعار على انخفاضها.
بالرغم من ذلك، فإن انتشار استخدام الروبوتات الزراعية قد يُحدث تغييرات أخرى في الأسواق، يقول لويس هولواي الذي درس الزراعة بجامعة هال بالمملكة المتحدة: إن الحلب باستخدام الروبوتات قد يؤثر في الغالب على السمات الوراثية في القطعان التي تدرُّ الألبان، حيث يختار الفلاحون أبقارًا «ملائمة للروبوتات» ذات ضروع وسلوكيات معينة تناسب الحلب الآلي (جورنال أوف رورال ستاديز). ويرى بالمثل أنه من المتوقع أن تؤثر الروبوتات الزراعية في نوعيات الفواكه أو الخضراوات التي تصل إلى المتاجر، حيث قد يفضل الفلاحون زراعة محاصيل تتخذ أوراقها مثلًا أشكالًا يسهل على الروبوتات تمييزها عن الأعشاب الضارة.
ستغير هذه الآلات في النهاية شكل الأرض الزراعية، وهذا يبدو حتميًّا إلى حد بعيد. من وجهة نظر صلاح سكرية، ستحدث نقطة التحول الحقيقية في زراعة الروبوتات عندما توضع الروبوتات الزراعية في الاعتبار عند تصميم المزارع. وهذا قد يعني العودة إلى الحقول الصغيرة حيث تُزرع المحاصيل في خطوط متعامدة بدلًا من زراعتها في سطور وتقليم أشجار الفاكهة إلى أشكال ثنائية الأبعاد لتيسير عملية الحصاد. لا يزال هذا التخطيط الهندسي الغريب للحقول الذي يناسب الروبوتات يحتاج إلى بعض الوقت من أجل تطويره، وفقًا لرأي سكرية، لكنه «قادم لا محالة».
يوافق فان هنتين على هذا الرأي. ويتذكر الأحداث قائلًا: «عندما بدأنا مشروع الروبوتات الخاص بنا في منتصف التسعينيات، كان الزراع يضحكون، وكانوا يشككون في إمكانية نجاحنا، ولكن عندما قدمنا عرضًا تجريبيًّا لروبوت يحصد الخيار، سألوا عما إذا كانوا يستطيعون شراءه غدًا.» 

https://www.facebook.com/pages/G%C3%A9ographie-General/569551383088309
 https://www.facebook.com/groups/600992566618190/
 http://www.youtube.com/channel/UCFA05_CgZ60IjrFPRXP7K2w?feature=watch