عبدالحكيم محمود
تقوم
التنمية على استغلال الموارد البيئية و الإمكانيات البشرية بما فيها
المنجزات العلمية و التكنولوجية وذلك من اجل تحقيق عدد من الأهداف أهمها
تلبية الإحتياجات البشرية و تحسين و تطوير نوعية حياه البشر، ويقاس مستوى
النهوض والتقدم التنموي في أي مجتمع وذلك فيما تحدثه (التنمية) من تغييرات
في البنية الإجتماعية و الإقتصادية تتجلى في تحسين الحياة المعيشية لإفراد
المجتمع و زيادة الدخل القومي.
وبناء
على ما تقدم يمكن أن نلاحظ العلاقة الوثيقة بين التنمية و البيئة فالأولى
تقوم على موارد الثانية ولا يمكن أن تقوم التنمية دون الموارد البيئية
وبالتالي فان الإخلال بالموارد من حيث إفسادها سيكون له انعكاساته السلبية
على العملية التنموية و الإخلال بأهدافها كما أن شحه لموارد و تناقصها
سيؤثر أيضا على التنمية من حيث مستواها و تحقيق أهدافها حيث انه لا يمكن أن
تقوم التنمية على موارد بيئية متعدية كما إن الأضرار بالبيئة و مواردها
يضر بالاحتياجات البشرية، و عليه ينبغي على التنمية أن تقوم أساس وضع
الإعتبار للبيئة وان ينظر الى البيئة و التنمية باعتبارها متلازمين فالتنمية لن تحقق أهدافها دون الأخذ بسياسات بيئية سليمة.
إن
الصراع بين البيئة و التنمية الذي ظهر في مطلع ستينات القرن العشرين أسهم
بشكل أو بآخر في تأخير الإهتمام بالبيئة و إدراك أهمية البيئة في التنمية
وذلك لأن المطالبة بحماية البيئة كرد فعل للكوارث البيئية التي شهدها
العالم من جراء النشاطات الصناعية و التكنولوجية و بالتالي ظهرت هذه
المطالبة بأنها تقف مواقفاً معارضا ًمن التقدم العلمي و التكنلوجي.
إن
ظهور الحركات المطالبة بحماية البيئة في مطلع ستينات القرن العشرين كرد
فعل لما أنتجته الصناعية من تدهور في البيئة يعتبر بمثابة القلق على البيئة
من الأخطار المضرة بها وهو قلق لم
يكن جديداً على الإنسان حيث أن قلقه على البيئة بسبب تدهورها بفعل التعامل
مع مواردها هو قلق قديم يمتد إلى العصور التي انتقل فيها الإنسان حياة
الزراعة ولعل ظهور الكثير من الأعراف و التقاليد في المجتمعات الزراعية
التي تهدف إلى تنظيم عملية جني المحاصيل و التحطيب وحتى
نوعية المواشي التي يتم ذبحها وغيرها من العادات و التقاليد التي لا يزال
بعضها موجود حتى الآن كل ذلك يدل إهتمام الإنسان المبكر بحماية البيئة و
مواردها ولعل ذلك ما جعل الصينيين القدامى يقومون بتعيين مفتشين لضمان عدم
تدهور الأرض الزراعية نتيجة لسوء الاستخدام.
أما ما يتعلق بالأضرار البيئية الناتجة عن الثلوت فقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون كتب في قوا نينة ما يمكن اعتباره مبداء تغريم مسبب التلوث كما صدر في بريطانيا أول قانون لتخفيف انبعاث الدخان وتصريف النفايات وذلك في العام 1273.
إن العلاقة بين الإنسان والبيئة هي علاقة فطرية وأزلية طالما و أن البيئة هي الإطار الذي يحصل الإنسان منه على مقومات حياته إذ انه اتجة لتلبية هذه الإحتياجات من الموارد البيئية و أنظمتها وقد تنامت و تصاعدت هذه العلاقة في تلبية الإحتياجات خلال العصور البشرية المختلفة وهي العلاقة الفطرية التي كان فيها الإنسان يراجعها بشكل عفوي و فطري إلا آن ثمة تعامل عشوائي و إضرار أخرى قد تعرضت لها البيئة في عصور لاحقه وهو عصر الثورة الصناعية التي بدأت مع اختراع جيمس واط للآلة البخارية في العام 1763م حيث ظهرت العديد من الكوارث البيئية وكانت أول كارثة ثم تسجيلها في العام 1948 في ولاية دونوا ر الامريكيه المقام فيها عدد من المصانع الخاصة بالصلب و حامض الكبريتيك وإ نتاج الزنك حيث أدت إلى وفاة عشرون شخصا ومرض 5900 إضافة إلى ذلك حدوث كوارث بيئية أخرى في لندن وغيرها من البلدان الصناعية الأخرى وذلك في أعوام 66،63،53،52، لكن اشهرها الكارثة التي تعرضت لها لندن عام 1952م جراء تلوث الجو بالضباب الدخاني مما أدى إلى وفاة أربعه ألاف شخص بسبب تركز ثاني أكسيد الكبريت في الجو.
لقد أدت مثل هذه الكوارث إلى النهوض بالوعي البيئي ومشكلاته والذي برز في كتاب النبع الصامت عام 1962 للكاتبة الأمريكية راشيل كارسون حيث بينت في هذا الكتاب تسرب بقايا المبيدات في السلسلة الغذائية للإنسان إلى جانب الآثار السلبية للتكنولوجية وقد أدى نشر هذا الكتاب إلى حدوث المظاهرة الإحتياجيه للأمريكان على إستخدام القوات الامركية للمبيدات ضد الفيتناميين.
وتولت الاحتياجات و المؤلفات التي تحذر من أخطار التلوث البيئي على البيئة و الكائنات و تصاحب ذلك بظهور الحركات المطالبة بحماية البيئة وهنا ظهرت للتنمويين و البيئيين، ولأن التنمويين قد حققوا إنتصارات من جراء الثورة الصناعية دون وضع اعتبار للبيئة و مواردها فان ذلك كان وراء رفضهم للمطالب التي كان أنصار البيئة يطالبون بها خاصة فيما يتعلق بالتلوث و تقييم الأثر البيئي حيث اعتبر الصناعيين و التنمويين مسالة التحكم في التلوث و إعادة النظر في المنشات الصناعية مساله مكلفه أي أن إعادة ملامة و تجديد المنشات و التجهيزات القائمة هو أمر باهظ التكاليف بل ولعله أكثر تكلفه و أصعب من إعداد وسائل التحكم الملائمة عند التأسيس كما أن الوقت اللازم للتحكم في الإنبعاثات الضارة منها مثل العناصر الكيميائية الناتجة عن احتراق الوقود في المنشات أوفي عملية التصنيع يبدو دائماً قصيراً جداً ويحتاج إلى وقت طويل حتى تظهر نتائجها إضافة إلا أن الأساليب المتبعة لمعالجة بعض النفايات و الملوتاث قد يكون لها مترتبان ضارة ومن المنطلق الإقتصادي و الحساب النقدي فان التنمويين يرون انه لا يوجد وسيله واضحة و دقيقه لقياس القيمة الاقتصادية للفوائد العائدة من إيجاد هواء نقي او بحيره أنظف او قيمه العائد من التكاليف الاجتماعية للأخطار على الصحة العامة أو الضغوط البيئية وبالتالي فأنهم عاجزون عن تقديم تقديرات إجماليه كما أن التنمويين يفضلون استثمار تكاليف النفقات الباهضة للتحكم في التلوث في مشاريع مربحه أخرى كما أن مشكلة التلوث يصعب التغلب عليها في اقتصاد تام فالبلدان النامية هي بحاجة للاستفادة من المبالغ التي ستدفعها لحماية أو حتى التحكم في التلوث من اجل حل مشكلات إقتصاديه أو إجتماعية أخرى تَحظى بأولوية الإهتمام.
وعلى هذا النحو استمر الصراع بين البيئة و التنمية أي ذلك الاستنزاف و الأضرار بالبيئة من اجل التنمية وذلك الخلاف بين أنصار البيئة و التنمويين واستمرت النتائج و المتربات بظهور كوارث و مشكلات أكثر خطورة مما دفع الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر التنمية البشرية كان ذلك في العام 1972 في مدينة استكهولم السويسرية و الذي أنتج الإعلان عن إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة حتى أصدر مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في أواخر السبعينات من القرن الماضي تقرير مستقبلنا المشترك الذي خرج بمفهوم التنمية المستدامة وهي التنمية تلبية احتياجات الحاضر دون المساس باحتياجات الأجيال القادمة كان لتقرير مصيرنا المشترك الصادر عن جماعة بورتلاند في العام 1978 دورة في وضع حد للخلاف الدائر بين البيئة والتنمية وعلى هذا الاساس تحركت القضايا و الاعتبارات البئبة إلى أفق أوسع حتى أصبحت جزءاً هاماً من السياسات و الفلسفات الإقتصادية و التنموية.
أما ما يتعلق بالأضرار البيئية الناتجة عن الثلوت فقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون كتب في قوا نينة ما يمكن اعتباره مبداء تغريم مسبب التلوث كما صدر في بريطانيا أول قانون لتخفيف انبعاث الدخان وتصريف النفايات وذلك في العام 1273.
إن العلاقة بين الإنسان والبيئة هي علاقة فطرية وأزلية طالما و أن البيئة هي الإطار الذي يحصل الإنسان منه على مقومات حياته إذ انه اتجة لتلبية هذه الإحتياجات من الموارد البيئية و أنظمتها وقد تنامت و تصاعدت هذه العلاقة في تلبية الإحتياجات خلال العصور البشرية المختلفة وهي العلاقة الفطرية التي كان فيها الإنسان يراجعها بشكل عفوي و فطري إلا آن ثمة تعامل عشوائي و إضرار أخرى قد تعرضت لها البيئة في عصور لاحقه وهو عصر الثورة الصناعية التي بدأت مع اختراع جيمس واط للآلة البخارية في العام 1763م حيث ظهرت العديد من الكوارث البيئية وكانت أول كارثة ثم تسجيلها في العام 1948 في ولاية دونوا ر الامريكيه المقام فيها عدد من المصانع الخاصة بالصلب و حامض الكبريتيك وإ نتاج الزنك حيث أدت إلى وفاة عشرون شخصا ومرض 5900 إضافة إلى ذلك حدوث كوارث بيئية أخرى في لندن وغيرها من البلدان الصناعية الأخرى وذلك في أعوام 66،63،53،52، لكن اشهرها الكارثة التي تعرضت لها لندن عام 1952م جراء تلوث الجو بالضباب الدخاني مما أدى إلى وفاة أربعه ألاف شخص بسبب تركز ثاني أكسيد الكبريت في الجو.
لقد أدت مثل هذه الكوارث إلى النهوض بالوعي البيئي ومشكلاته والذي برز في كتاب النبع الصامت عام 1962 للكاتبة الأمريكية راشيل كارسون حيث بينت في هذا الكتاب تسرب بقايا المبيدات في السلسلة الغذائية للإنسان إلى جانب الآثار السلبية للتكنولوجية وقد أدى نشر هذا الكتاب إلى حدوث المظاهرة الإحتياجيه للأمريكان على إستخدام القوات الامركية للمبيدات ضد الفيتناميين.
وتولت الاحتياجات و المؤلفات التي تحذر من أخطار التلوث البيئي على البيئة و الكائنات و تصاحب ذلك بظهور الحركات المطالبة بحماية البيئة وهنا ظهرت للتنمويين و البيئيين، ولأن التنمويين قد حققوا إنتصارات من جراء الثورة الصناعية دون وضع اعتبار للبيئة و مواردها فان ذلك كان وراء رفضهم للمطالب التي كان أنصار البيئة يطالبون بها خاصة فيما يتعلق بالتلوث و تقييم الأثر البيئي حيث اعتبر الصناعيين و التنمويين مسالة التحكم في التلوث و إعادة النظر في المنشات الصناعية مساله مكلفه أي أن إعادة ملامة و تجديد المنشات و التجهيزات القائمة هو أمر باهظ التكاليف بل ولعله أكثر تكلفه و أصعب من إعداد وسائل التحكم الملائمة عند التأسيس كما أن الوقت اللازم للتحكم في الإنبعاثات الضارة منها مثل العناصر الكيميائية الناتجة عن احتراق الوقود في المنشات أوفي عملية التصنيع يبدو دائماً قصيراً جداً ويحتاج إلى وقت طويل حتى تظهر نتائجها إضافة إلا أن الأساليب المتبعة لمعالجة بعض النفايات و الملوتاث قد يكون لها مترتبان ضارة ومن المنطلق الإقتصادي و الحساب النقدي فان التنمويين يرون انه لا يوجد وسيله واضحة و دقيقه لقياس القيمة الاقتصادية للفوائد العائدة من إيجاد هواء نقي او بحيره أنظف او قيمه العائد من التكاليف الاجتماعية للأخطار على الصحة العامة أو الضغوط البيئية وبالتالي فأنهم عاجزون عن تقديم تقديرات إجماليه كما أن التنمويين يفضلون استثمار تكاليف النفقات الباهضة للتحكم في التلوث في مشاريع مربحه أخرى كما أن مشكلة التلوث يصعب التغلب عليها في اقتصاد تام فالبلدان النامية هي بحاجة للاستفادة من المبالغ التي ستدفعها لحماية أو حتى التحكم في التلوث من اجل حل مشكلات إقتصاديه أو إجتماعية أخرى تَحظى بأولوية الإهتمام.
وعلى هذا النحو استمر الصراع بين البيئة و التنمية أي ذلك الاستنزاف و الأضرار بالبيئة من اجل التنمية وذلك الخلاف بين أنصار البيئة و التنمويين واستمرت النتائج و المتربات بظهور كوارث و مشكلات أكثر خطورة مما دفع الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر التنمية البشرية كان ذلك في العام 1972 في مدينة استكهولم السويسرية و الذي أنتج الإعلان عن إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة حتى أصدر مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في أواخر السبعينات من القرن الماضي تقرير مستقبلنا المشترك الذي خرج بمفهوم التنمية المستدامة وهي التنمية تلبية احتياجات الحاضر دون المساس باحتياجات الأجيال القادمة كان لتقرير مصيرنا المشترك الصادر عن جماعة بورتلاند في العام 1978 دورة في وضع حد للخلاف الدائر بين البيئة والتنمية وعلى هذا الاساس تحركت القضايا و الاعتبارات البئبة إلى أفق أوسع حتى أصبحت جزءاً هاماً من السياسات و الفلسفات الإقتصادية و التنموية.
التنمية المستدامة
في عام 1983 شكلت
الأمم المتحدة لجنة عالمية للبيئة والتنمية برئاسة غروهارليم بورنتلاند
رئيسة وزراء النرويج انذاك وعضوية مجموعة من الخبراء وذلك من اجل دراسة
مشكلات البيئة والتنمية على كوكب الارض ووضع الاقتراحات لحلها ووضع حد للصراع بين البيئة والتنمية والخروج بمفهوم يعمل على اتزان العلاقة بين البيئة والتنمية واحتياجاتهم دون الإضرار من خلال صيغة برنامج عالمي للتغيير واقتراح استراتيجيات بعيدة المدى، وكانت حصيلة عمل هذه اللجنة إصدار كتاب مستقبلنا المشترك our common future الذي
حمل مفهوما جديداً للتنمية وهو مفهوم التنمية المستدامة وهي التنمية التي
تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية
حاجاتهم.
لقد ادى مفهوم التنمية المستدامة إلى ظهور فلسفة تنموية جديدة تضع في عين الاعتبار محدودية الموارد البيئية الطبيعية وحدود قدرة الأرض على تحمل إجهاد الاستنزاف من ناحية و التلوث و التدهور من الناحية الأخرى.
المراجع
1- البيئة ومشكلاتها - رشيد الحمد ومحمد سعيد صابريني – عالم المعرفة العام 1979
2- مستقبلنا المشترك – تقرير خبراء البيئة والتنمية - برنامج الامم المتحدة للبيئة 1978
3- محاضرات للدكتور محمد سعيد الحفار – الدكتور عبدالرحمن العوضي مقدمة للدورة التدريبية حول البرامج البيئية في الاذاعة والتلفزيون – برنامج الامم المتحدة للبيئة البرنامج الاقليمي عقدت في دمشق مارس 1995.