صورة توضح عملية ضم الأراضي بجماعة أولاد عياد |
يشكل العقار أداة مهمة لتحقيق التنمية إن على المستوى الاقتصادي أو
الاجتماعي نظرا لارتباطه الكبير بشتى تفاصيل الحياة اليومية المختلفة وفي المغرب
كان العقار قبل الاستقلال يتمتع بوضعية خاصة، حيث كانت الملكية العقارية الفلاحية
آنذاك عبارة عن قطع صغيرة الحجم قليلة المساحة وذات أشكال غير متجانسة مبعثرة
ومجزأة في أماكن متباعدة.
ومع استرجاع المغرب لأراضيه غداة الاستقلال اصطدم بواقع مفاده كون العقارات الفلاحية تتميز في الغالب بوضعية مادية غير مهيكلة وغير منظمة في جل المناطق الفلاحية المغربية بسبب تناثر هذه العقارات وتعدد ملاكها وبالتالي تكاثر الخصومات فيما بينهم هذا الواقع وقف حاجزاً أمام استصلاح أساليب استغلال هذه الأراضي.
وبحسب مردوديتها الفلاحية عبر الاستفادة من تقنيات الري الحديثة وغيرها من التطورات التقنية الحاصلة في هذا الميدان، وهذا ما دفع بالدولة في إطار سياستها الإصلاحية للقطاع الفلاحي إلى اتخاذ مختلف التدابير لتجاوز هذه الصعوبات كتحسين أوضاع الفلاحي بالبادية ونهج سياسة الإصلاح الزراعي وإدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين.
وقد اهتدى القائمون على تدبير الشأن العام بالمغرب آنذاك إلى فكرة مفادها أن تعميم لتحفيظ على العقارات الفلاحية بعد ضمها وإعادة ترتيبها هي الطريق المؤدية إلى تأسيس مجال عقاري فلاحي صلب يسمح بلم طاقات الفلاحين لتصرف في الإنتاج بدلا من أن تصرف في الخصومات التي تنشب بينهم حول الحدود والمسافة والممرات وهي الخصومات التي تمتص جيوبهم وتشتت أواصرهم الاجتماعية .
ومن منطلق هذه الفكرة تدخلت الدولة عب ما سمعته بعملية ضم الأراضي فصدر بذلك قانون ضم بموجب الظهير الشريف رقم 105-62-1 بتاريخ 27 محرم 1382 الموافق ل 30 يونيو 1962 ومرسومه التنفيذي المعلين والمتممين لظهير 25 يوليوز 1969 .
والجدير بالإشارة في هذا الخصوص أن الأهداف التنموية التي قام عليها قانون الضم لم يرد تعداد في صريح بخصوص هذا القانون وإنما تستنبط فقط من الظروف العامة التي صيغت فيها عموما.
وهذا ما يستشف من خلال مقتضيات الفصل الأول من القانون الذي نص على ما يلي: "تنحصر الغاية الأساسية من ضم الأرضي الفلاحية بعضها إلى بعض في تحسين أساليب استغلالها بجميع وإعادة ترتيب القطع المبعثرة أو المجزأة أو التي ليس لها شكل منتظم لتكون منها أملاك موحدة الأطراف أو أملاك محتوية على قطع أرضية كبيرة منسجمة الشكل ومضمون بعضها إلى بعض تساعد على الوصول إليها وريها وصرف المياه عنها ويوجه عام تكون صالحة للاستفادة من التحسينات العقارية الممكن إدخالها عليها...".
فالإستنتاج الأول من هذه الصياغة القانونية هو أنه قد عرف مسطرة الضم انطلاقا من أهدافها وغاياتها وابتعد عن التدقيق والتفصيل وهو تصور حسن ومحمود من المشرع، لأن مسطرة ضم الأراضي الفلاحية باعتبارها مسالة تقنية وقانونية فإنها أوسع من أن تحصر أهدافها لأن مجال هذه الأخيرة هو مجال متحرك ومتغير بتغيير الزمان والمكان .
عموما،فموضوع ضم الاراضي ورغم محاولات المشرع لضبط القواعد القانونية المنظمة له فهو لا يزال يطرح العديد من الإشكاليات تتمثل أساسا في مدى إمكانية تطبيقه وملائمة النصوص التشريعية المؤطرة له مع واقع العقار بالمغرب،خاصة أمام إختلاف الأنظمة العقارية به؟ وأيظا مدى نجاح هذه العملية في تحقيق الأهداف المرجوة في الرقي بهذا النظام العقاري المعقد؟
لمحاولة الإجابة عن هذه التساؤلات ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين إثنين:
وللحديث عن هذه التدابير قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين اثنين، نتناول في المطلب الأول الإجراءات الأولية لعملية ضم الأراضي الفلاحية، على أن نخصص المطلب الثاني للكشف عن المرحلة النهائية لعملية ضم الأراضي الفلاحية.
الفقرة الأولى: إعداد الدراسات العامة
لتعيين القطاع المراد ضم أراضيه يقوم المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بدراسات عامة حول الهياكل العقارية الموجودة ومعرفة مدى قابليتها لتطبيق مشروع الضم عليها.
بعد اكتمال هذه الدراسات تتم مراسلة عامل الإقليم الموجود به قطاع الضم الذي يطلب انعقاد اجتماع للمجلس الجماعي حول الموضوع لأخذ رأيه فيه.
الفقرة الثانية: تكوين لجنة الضم
حسب منطوق الفصل الثالث من المرسوم رقم 240-62-2 فإن اللجان المعنية بالضم قد تكون إما محلية أو مختلطة:
أولا: اللجنة المحلية
إذا كان محل مشروع الضم تابعا لجماعة قروية واحدة فإن اللجنة المحلية هي من تسهر على عملية الضم،وتحدث هذه العملية بقرار من القائد الذي يترأسها ويكون عضوا فيها إلى جانب كل من:
- ممثلان للمكتب الإقليمي للإستثمار الفلاحي
- قاض يعينه رئيس محكمة سدد نفوذ المنطقة المعنية بالضم
- المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه
- ممثل عن مصلحة مسم الأراضي
- رئيس مجلس الجماعة القروية
- عدة مصالح تتم إستشارتهم في الموضوع
ثانيا: اللجنة المختلطة
إذا كانت المنطقة المشمولة بعملية الضم تابعة لنفوذ أكثر من جماعة قروية واحدة فإن اللجنة المختلطة هي من تكون المعنية بتتبع عملية الضم،ويرأس هذه اللجنة رئيس الدائرة التي تضم الجماعات المحلية المعنية بالضم.
وتتكون هذه اللجنة من نفس الأعضاء الذين تتكون منهم اللجنة المحلية، والفرق الوحيد بينهما هو الطابع الرئاسي الذي يمارسه رئيس الدائرة الإدارية التي تتواجد بها الجماعات القروية المشمولة بهذه العملية.
وتتميز الإجراءات النهائية بدفنها وتعقدها والتداخل فيما بينها لكونتها تمس مباشرة العمليات المتعلقة بالضم.
هذا وقد نص المشرع على وجوب إشعار الملاك المعنيين بعملية الضم (فقرة أولى) قبل المصادقة على مشروع ضم الأراضي بعضها إلى بعض (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: إشعار الملاك بعملية الضم.
أو كل المشرع للجنة ضم الأراضي القيام بتهيئ الملاك ماديا ومعنويا،بهدف مساعدتهم على ضم عقاراتهم،حيث تقوم اللجان المختصة بتقديم شروحات مفصلة حول المراحل التي سيمر منها مشروع الضم وإقناعهم بجدوى ضم أراضيهم بعضها لبعض خصوصا مع إمكانية تحفيظها بالمجان.
وإعطاء المشرع هذه الأهمية للملاك يعتبر أمرا ضروريا لإنجاح مشاريع الضم،نظرا لما لهذه العملية من تأثيرات مادية ومعنوية عليهم ،إذ يؤدي تنفيذ مشروع الضم إلى تخلي كل مالك عن ما كان يملكه من قطع أرضية وتعويضه بقطعة واحدة ليس معتادا على استغلالها،زيادة على كثرة الاقتطاعات المطلوبة تشريعيا من أجل إحداث المرافق الضرورية لتخطيط المسالك،وإقامة جميع التجهيزات ذات المصلحة الجماعية.
هذا على المستوى القانوني،لكن على المستوى الواقعي نجد أن هذه المقتضيات غالبا ما تفرغ من محتواها بسبب ضعف تكوين الموظفين المشرفين على العملية مما جعل الملاك يفقدون الثقة في الإدارة المكلفة بضم أراضيهم ويجعلهم يقدمون في العديد من الأحيان طعونا في ضم أراضيهم أمام المجلس الأعلى طبقا لما هو محدد في الفصل 12 من ظهير 30 يونيو 1962
الفقرة الثانية: المصادقة على مشروع الضم
بعد أن تنهي لجنة الضم أعمالها المرتبطة بالمشروع ويصبح الملف جاهزا ونهائيا فإن رئيس اللجنة يحيله إلى وزير الفلاحة للمصادقة عليه طبقا لمقتضيات الفصل 13 من ظهير 30 يونيو 1962،إذ جاء فيه" تحدد اللجنة بصفة نهائية مشروع ضم الأراضي بعضها إلى بعض ثم يعرضه وزير الفلاحة للمصادقة عليه بموجب مرسوم،وإذا طلب رئيس الحكومة إدخال تعديل على المشروع فيرجع إلى اللجنة التي تقوم بعملها طبقا للكيفية المبينة في المقطع الثاني من الفصل11"
فكما هو مبين في الفصل أعلاه يوجه رئيس اللجنة الملف لوزير الفلاحة الذي يحيله بدوره إلى الوزير الأول للإطلاع عليه وعلى مختلف الوثائق المرفقة به والتي تم إعدادها منذ بداية المشروع إلى نهايته،فإذا استوفى الملف كافة الشرو اللازمة فتتم المصادقة عليه عبر مرسوم.
غير أنه إذا رأى الوزير الأول أن هناك داع لتعديل الملف فإنه يعيد الملف إلى لجنة الضم الذي أشرفت عليه منذ البداية لتلتزم بإعادة دراسته وفق التعديلات المطلوبة.
كما أن المشروع لا يحظى دائما بالقبول والمصادقة بمجرد توجيهه إلى وزير الفلاحة أو الوزير الأول،فقد يحدث أن يرفض هذا الأخير المصادقة عليه بصفة نهائية لوجود سبب وجيه كتجاوز لجنة الضم حدود إختصاصها الترابي المحدد في نطاق القطاع محل عملية الضم مثلا...وقد رفضت عملية الضم بعدة مناطق كما هي حالة كل من تازة وسطات
لكن تجدر الاشارة الى انه بالرغم من النتائج الايجابية التي تحققها هذه العمليات ، فانه في الواقع عرف تطبيق النصوص القانونية المنظمة لها مجموعة من العراقيل و العديد من الاشكاليات.
الفقرة الأولى: آثار هذه العملية قبل المصادقة على مشروع الضم.
رتب المشرع على صدور قرار ضم الاراضي بعضها الى بعض مجموعة من الآثار ، حيث نجد الفصل الرابع مكرر من ظهير 30 يونيو 1962 يمنع القيام بأي تفويتات أثناء جريان مسطرة الضم و قبل نشر مرسوم المصادقة على ضم الأراضي بعضها إلى بعض، سواء كانت هذه التفويتات بعوض أو بغير عوض . و هو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في إحدى قراراته و الذي جاء فيه :"حيث أن مشروع ضم الأراضي لما قد يؤدي إليه تنفيذه من مقايضة بين العقارات المتجاورة بحيث يعطي مالك قطعة أو قطع معينة في مكان معين قطعة أخرى بديلة كانت على ملك شخص آخر.
و تفاديا لما قد ينتهي إليه من تغيير في وضعية العقارات على هذا النحو منع المشرع تفويتها إلى أن تقع المصادقة على مشروع الضم"
و تطبيقا لنفس الفصل المذكور فانه لا يجوز للمالك القيام بقسمة الأراضي موضوع عملية الضم قبل نشر مرسوم المصادقة بالجريدة الرسمية.
و من الآثار كذلك منع الملاك أو المستغلين أو كل من يهمه أمر هذه الأراضي ،من تغيير حالتها ،إلا بالحصول على إذن مسبق بذلك من لجنة الضم ،و يشمل تغيير حالة الأراضي حسب الفصل السابع من ظهير 30 يونيو 1962 (بشان ضم الأراضي بعضها إلى بعض )تنقيتها أو غرسها بأشجار أو تشييد بنايات فيها بمواد صلبة أو حفر آبار أو تخطيط مسالك للوصول إليها أو هدم ما يوجد فيها من البناء أو إنجاز أي عمل من هذا القبيل.
الفقرة الثانية:آثار العملية بعد المصادقة على مشروع الضم:
يترتب على صدور المرسوم المصادق بموجبه على مشروع الضم مجموعة من الآثار سواء بالنسبة للملاك أو في مواجهة الغير.
هكذا و بالرجوع للفصل 18 من ظهير 30 يونيو 1962 بشان ضم الأراضي بعضها إلى بعض فان صدور المرسوم المذكور و نشره بالجريدة الرسمية يعد بمثابة نقل لملكية العقارات المضمومة، بحيث تنتقل ملكية هذه الأراضي من المالك القديم إلى المالك الجديد.
و هنا قد يتبادر للذهن بأنه بمجرد نشر هذا المرسوم تنتقل ملكية الأراضي المضمومة إلى مالكها الجديد لكن الأمر ليس كذلك بحيث يتوقف نقل الملكية على التقييد بالرسم العقاري خصوصا و أن هذا الأخير لا يعترف إلا بما هو مقيد فيه و ابتداء من تاريخ هذا التقييد.
كما يترتب على نشر المرسوم الصادر بالمصادقة على مشروع الضم منع تقسيم القطع الأرضية الموجودة بالمنطقة التي وقع ضم أراضيها بعضها على بعض، إلا في حالة وجود إذن سابق بذلك من لجنة الضم.وطبقا للفصل 22 من ظهير 30 يونيو 1962 كما تم تعديله بموجب ظهير 25 يوليوز 1969 على أن الإذن بالقسمة مشروط ببقاء وتخصيص كل تجزئة جديدة بمنافذ تماثل المنافذ التي كانت للعقار المقسم إلا إذا كانت القطع الجديدة تستفيد من نفس الإمكانيات الخاصة بالري والاستثمار.
ومن بين الآثار كذلك أن الحقوق التي كانت للأغيار على الأراضي التي كان يملكها الأشخاص المضمومة أراضيهم، والناتجة عن حق شخصي كالرهن الرسمي مثلا تنتقل إلى القطعة الجديدة، بحيث يمكن أن يتزاحم العديد من الدائنين على القطعة الأرضية الجديدة بعدما كان لكل واحد منهم حق على قطعة أرضية مستقلة في الحالة التي كان يملك فيها المدين قطعا أرضية متفرقة قبل الضم.
أما فيما يخص مكتري القطعة التي تم ضمها فيكون من حقه أن يختار إما نقل هذا الحق إلى القطعة الأرضية الجديدة أو فسخ بنود عقد الكراء كلا أو بعضا من غير تعويض.
المطلب الثاني: الاكراهات التي تواجهها مشاريع الضم وبعض الحلول المقترحة لتجاوزها.
الفقرة الأولى: بعض الاكراهات التي تواجه مشاريع الضم.
يكاد الكل يجمع على أن عملية ضم الأراضي إيجابية كونها تضمن حق الملكية عبر إحداث رسوم عقارية بالمجان للقطع المضمومة وأنها تحدث قطع مجدية وذات حجم تساعد على استعمال الآليات الفلاحية الحديثة مما يرفع من مردوديتها ومن الإنتاجية.
إلا أنه ورغم هذه الامتيازات فإن عملية ضم الأراضي الفلاحية تعترضها مجموعة من الإكراهات والتي تظهر على وجه الخصوص أثناء جريان المسطرة المتبعة في إخراج هذه المشاريع إلى حيز الوجود. من هذه الإكراهات ما يعود للمؤسسات المتدخلة في عملية الضم ومنها ما يعود للملاك.
حيث نسجل في هذا الإطار تداخل الأجهزة الإدارية المشرفة على هذه العملية والمتمثلة في:
• وزارة الفلاحة: في شخص وزيرها والذي يبدأ دوره من يوم إصدار القرار المحدد بموجبه للمنطقة المعنية أراضيها بالضم. فيأذن بموجبه في افتتاح عمليات الضم وانجاز الأبحاث وأشغال مسح الأراضي.
ثم بعد انتهاء كافة الأشغال وبعد استشارة المجالس الجماعية المعنية يصدر قرار آخر يصادق بموجبه على مشروع الضم.
• لجان الضم واللجان المحلية: التي يعهد إليها تتبع المسطرة وإبداء الاقتراحات ومراقبة التصرفات المادية والقانونية للملاك.
• المجالس المحلية: والتي تتولى إعداد الاستشارات المطلوبة بحكم قربها من المواطنين أصحاب الأراضي من جهة ومن جهة ثانية بحكم معرفتها المباشرة والمسبقة للمنطقة .¹
• الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية: حيث تتلقى طلبات التحفظ وقبول التعرضات ومباشرة كافة العمليات المرتبطة بمسطرة التحفيظ.
• القضاء: في حالة تقديم تعرضات حيث يتولى الفصل فيها أو تقديم طعون أمامه ضد قرارات لجنة الضم.
حيث أنه وأمام كثرة هذه الأجهزة وتداخلها فلا يمكن للنتائج إلا أن تكون سلبية حيث نسجل في هذا الإطار بطء الإجراءات المصاحبة لمسطرة الضم وطول الوقت الذي تستغرقه بسبب تعطل صدور المراسيم النهائية حيث تبقى عملية الضم معلقة بل أكثر من ذلك قد تتوقف بشكل نهائي دون الإعلان عن هذا التوقف رسميا وبشكل صريح.
ومن المشاكل كذلك:
- الضعف في القيمة الحقيقية للقطع الممنوحة بعد الضم
- جهل الفلاحين بتفاصيل المقتضيات القانونية المنظمة لعملية ضم الأراضي.
- غياب وثائق إثبات الأراضي المستغلة، مما يؤدي إلى تخوف الملاكين من التعرضات التي قد تجلب لهم العديد من النزاعات والمشاكل.
- غياب بعض الملاك أثناء إجراء البحوث القانونية والاجتماعية.
- غياب الإرشاد لعملية الضم قبل انطلاقها مما يؤدي إلى عدم انخراط الملاكين بشكل إيجابي في مشروع الضم.
الفقرة الثانية : بعض الاقتراحات لمواجهة المشاكل المطروحة:
أمام النتائج الإيجابية التي يحققها ضم الأراضي بعضها إلى بعض فلا يمكننا إلا التشجيع على المضي قدما في عملية الضم والعمل على التخلص من المشاكل التي تعترض هذه المشاريع والمشار إلى بعضها أعلاه . في هذا الإطار نقدم بعض الاقتراحات لتجاوز هذه الصعوبات والتي منها ما هو مرتبط باختيار قطاع الضم ومنها ما يرتبط بالهيئات المتدخلة ومنها ما يرتبط بمدة المسطرة.
• اختيار قطاع الضم:
حيث نرى أنه يجب وضع معايير موضوعية ودقيقة يتم على أساسها اختيار المناطق التي يجب أن يشملها مشروع ضم الأراضي بعضها إلى بعض، إضافة إلى القيام بدراسات معمقة للمجال السوسيو اقتصادي للملاكين المعنيين والمعطيات التي تخص الوسط الطبيعي، الماء، نوعية التربة والزراعة السائدة إضافة إلى نمط الإنتاج وإمكانيات الاستثمار والتسويق.
• الهيئات المتدخلة:
لقد توخى المشرع من وراء إسناد الاختصاص لكل الهيئات المذكورة الإسراع في انجاز عملية الضم والحيلولة دون الأضرار بحقوق ملاك الأراضي ومستغليها، إلا أن هذا التعداد والتداخل قد أوجد في أحيان كثيرة نتائج عكسية وهذا راجع بالأساس إلى اختلاف أساليب العمل وتفاوت الإمكانيات المالية والبشرية المتوفرة لدى كل جهاز. ¹
ونخص بالذكر هنا لجنة الضم والتي نرى ضرورة التدخل لتغيير طبيعة تكوينها والذي يطفى عليه الطابع الإداري بحيث يجب إدخال المسؤولين السياسين وممثلي الملاك، ويجب كذلك إعادة النظر في رئاستها بحيث يمكن أن يعهد بها إلى قاضي عوض ممثلي السلطات المحلية (القائد أو العامل)، أو إلى المحافظ على الملكية العقارية باعتبار أن اختصاصه الأصيل مرتبط بالعقار.
• مدة الانجاز:
أمام طول مدة انجاز مشاريع الضم وما يعرفه العقار من قيود في الفقرة التي تبتدئ فيها المسطرة وتاريخ نشر مرسوم المصادقة على مشروع الضم بالجريدة الرسمية فإن الأمر يؤدي إلى فشل عملية الضم وعدم الإقبال عليه. ولتجاوز هذا الأشكال. نقترح تحديد أجل إنجاز مشروع الضم في حدود 4 إلى 5 سنوات، وفي حالة تجاوز هذه المدة يجب إلغاء هذه العملية.
إظافة إلى كل ذلك فإن تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب من أملاك مخزنية وأملاك حبسية..من شأنه أن يعرقل عملية ضم الأراضي ومنه عدم السماح بإستغلال الأراضي الفلاحية على أكمل وجه،وهو ما يعرقل تنفيذ الأهداف الإقتصادية والتنموية المرجوة.
في الختام وجب التأكيد على شيء أساسي ومهم هو أن قانون الضم في الوقت الذي آمن فيه بأهمية تبسيط مسطرة التحفيظ وتعميمها وتبنى لها معايير تختلف عن تلك الواردة في مسطرة التحفيظ العادية فإنه بالمقابل-اي قانون الضم- لم يستطع التخلص من من مجموعة من التعقيدات المسطرية التي حالت دون الإسراع في تنفيذ مشاريع الضم.
ومن هنا يلاحظ أنه آن الأوان لإعادة صياغة قانون الضم وعصرنته بما يحقق إنجاز الغاية التي صدر لأجلها وهي حماية الرصيد العقاري الفلاحي من الإندثار.
ومع استرجاع المغرب لأراضيه غداة الاستقلال اصطدم بواقع مفاده كون العقارات الفلاحية تتميز في الغالب بوضعية مادية غير مهيكلة وغير منظمة في جل المناطق الفلاحية المغربية بسبب تناثر هذه العقارات وتعدد ملاكها وبالتالي تكاثر الخصومات فيما بينهم هذا الواقع وقف حاجزاً أمام استصلاح أساليب استغلال هذه الأراضي.
وبحسب مردوديتها الفلاحية عبر الاستفادة من تقنيات الري الحديثة وغيرها من التطورات التقنية الحاصلة في هذا الميدان، وهذا ما دفع بالدولة في إطار سياستها الإصلاحية للقطاع الفلاحي إلى اتخاذ مختلف التدابير لتجاوز هذه الصعوبات كتحسين أوضاع الفلاحي بالبادية ونهج سياسة الإصلاح الزراعي وإدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين.
وقد اهتدى القائمون على تدبير الشأن العام بالمغرب آنذاك إلى فكرة مفادها أن تعميم لتحفيظ على العقارات الفلاحية بعد ضمها وإعادة ترتيبها هي الطريق المؤدية إلى تأسيس مجال عقاري فلاحي صلب يسمح بلم طاقات الفلاحين لتصرف في الإنتاج بدلا من أن تصرف في الخصومات التي تنشب بينهم حول الحدود والمسافة والممرات وهي الخصومات التي تمتص جيوبهم وتشتت أواصرهم الاجتماعية .
ومن منطلق هذه الفكرة تدخلت الدولة عب ما سمعته بعملية ضم الأراضي فصدر بذلك قانون ضم بموجب الظهير الشريف رقم 105-62-1 بتاريخ 27 محرم 1382 الموافق ل 30 يونيو 1962 ومرسومه التنفيذي المعلين والمتممين لظهير 25 يوليوز 1969 .
والجدير بالإشارة في هذا الخصوص أن الأهداف التنموية التي قام عليها قانون الضم لم يرد تعداد في صريح بخصوص هذا القانون وإنما تستنبط فقط من الظروف العامة التي صيغت فيها عموما.
وهذا ما يستشف من خلال مقتضيات الفصل الأول من القانون الذي نص على ما يلي: "تنحصر الغاية الأساسية من ضم الأرضي الفلاحية بعضها إلى بعض في تحسين أساليب استغلالها بجميع وإعادة ترتيب القطع المبعثرة أو المجزأة أو التي ليس لها شكل منتظم لتكون منها أملاك موحدة الأطراف أو أملاك محتوية على قطع أرضية كبيرة منسجمة الشكل ومضمون بعضها إلى بعض تساعد على الوصول إليها وريها وصرف المياه عنها ويوجه عام تكون صالحة للاستفادة من التحسينات العقارية الممكن إدخالها عليها...".
فالإستنتاج الأول من هذه الصياغة القانونية هو أنه قد عرف مسطرة الضم انطلاقا من أهدافها وغاياتها وابتعد عن التدقيق والتفصيل وهو تصور حسن ومحمود من المشرع، لأن مسطرة ضم الأراضي الفلاحية باعتبارها مسالة تقنية وقانونية فإنها أوسع من أن تحصر أهدافها لأن مجال هذه الأخيرة هو مجال متحرك ومتغير بتغيير الزمان والمكان .
عموما،فموضوع ضم الاراضي ورغم محاولات المشرع لضبط القواعد القانونية المنظمة له فهو لا يزال يطرح العديد من الإشكاليات تتمثل أساسا في مدى إمكانية تطبيقه وملائمة النصوص التشريعية المؤطرة له مع واقع العقار بالمغرب،خاصة أمام إختلاف الأنظمة العقارية به؟ وأيظا مدى نجاح هذه العملية في تحقيق الأهداف المرجوة في الرقي بهذا النظام العقاري المعقد؟
لمحاولة الإجابة عن هذه التساؤلات ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين إثنين:
المبحث الأول: مسطرة ضم الأراضي
المبحث الثاني: آثار عملية ضم الأراضي
المبحث الأول :مسطرة ضم الأراضي
تتطلب عملية ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض إتباع مجموعة من الإجراءات القانونية التي تساعد على تطبيق أمثل لهذه العملية.وللحديث عن هذه التدابير قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين اثنين، نتناول في المطلب الأول الإجراءات الأولية لعملية ضم الأراضي الفلاحية، على أن نخصص المطلب الثاني للكشف عن المرحلة النهائية لعملية ضم الأراضي الفلاحية.
المطلب الأول: الإجراءات الأولية لعملية ضم الأراضي الفلاحية
لانطلاق عملية الضم لابد من إتباع مجموعة من تبتدئ بإعداد الدراسات العامة (الفقرة الأولى) تم تكوين لجنة للسهر على عملية الضم (الفقرة الثانية)الفقرة الأولى: إعداد الدراسات العامة
لتعيين القطاع المراد ضم أراضيه يقوم المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بدراسات عامة حول الهياكل العقارية الموجودة ومعرفة مدى قابليتها لتطبيق مشروع الضم عليها.
بعد اكتمال هذه الدراسات تتم مراسلة عامل الإقليم الموجود به قطاع الضم الذي يطلب انعقاد اجتماع للمجلس الجماعي حول الموضوع لأخذ رأيه فيه.
الفقرة الثانية: تكوين لجنة الضم
حسب منطوق الفصل الثالث من المرسوم رقم 240-62-2 فإن اللجان المعنية بالضم قد تكون إما محلية أو مختلطة:
أولا: اللجنة المحلية
إذا كان محل مشروع الضم تابعا لجماعة قروية واحدة فإن اللجنة المحلية هي من تسهر على عملية الضم،وتحدث هذه العملية بقرار من القائد الذي يترأسها ويكون عضوا فيها إلى جانب كل من:
- ممثلان للمكتب الإقليمي للإستثمار الفلاحي
- قاض يعينه رئيس محكمة سدد نفوذ المنطقة المعنية بالضم
- المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه
- ممثل عن مصلحة مسم الأراضي
- رئيس مجلس الجماعة القروية
- عدة مصالح تتم إستشارتهم في الموضوع
ثانيا: اللجنة المختلطة
إذا كانت المنطقة المشمولة بعملية الضم تابعة لنفوذ أكثر من جماعة قروية واحدة فإن اللجنة المختلطة هي من تكون المعنية بتتبع عملية الضم،ويرأس هذه اللجنة رئيس الدائرة التي تضم الجماعات المحلية المعنية بالضم.
وتتكون هذه اللجنة من نفس الأعضاء الذين تتكون منهم اللجنة المحلية، والفرق الوحيد بينهما هو الطابع الرئاسي الذي يمارسه رئيس الدائرة الإدارية التي تتواجد بها الجماعات القروية المشمولة بهذه العملية.
المطلب الثاني: الإجراءات النهائية لتطبيق عملية الضم
بعد إنجاز الدراسات العامة وتكوين لجنة الضم الساهرة على عملية ضم الأراضي فإنه يتم المرور إلى الشق العملي الذي يعتبر الحلقة الأساس لتطبيق مشروع الضم.وتتميز الإجراءات النهائية بدفنها وتعقدها والتداخل فيما بينها لكونتها تمس مباشرة العمليات المتعلقة بالضم.
هذا وقد نص المشرع على وجوب إشعار الملاك المعنيين بعملية الضم (فقرة أولى) قبل المصادقة على مشروع ضم الأراضي بعضها إلى بعض (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: إشعار الملاك بعملية الضم.
أو كل المشرع للجنة ضم الأراضي القيام بتهيئ الملاك ماديا ومعنويا،بهدف مساعدتهم على ضم عقاراتهم،حيث تقوم اللجان المختصة بتقديم شروحات مفصلة حول المراحل التي سيمر منها مشروع الضم وإقناعهم بجدوى ضم أراضيهم بعضها لبعض خصوصا مع إمكانية تحفيظها بالمجان.
وإعطاء المشرع هذه الأهمية للملاك يعتبر أمرا ضروريا لإنجاح مشاريع الضم،نظرا لما لهذه العملية من تأثيرات مادية ومعنوية عليهم ،إذ يؤدي تنفيذ مشروع الضم إلى تخلي كل مالك عن ما كان يملكه من قطع أرضية وتعويضه بقطعة واحدة ليس معتادا على استغلالها،زيادة على كثرة الاقتطاعات المطلوبة تشريعيا من أجل إحداث المرافق الضرورية لتخطيط المسالك،وإقامة جميع التجهيزات ذات المصلحة الجماعية.
هذا على المستوى القانوني،لكن على المستوى الواقعي نجد أن هذه المقتضيات غالبا ما تفرغ من محتواها بسبب ضعف تكوين الموظفين المشرفين على العملية مما جعل الملاك يفقدون الثقة في الإدارة المكلفة بضم أراضيهم ويجعلهم يقدمون في العديد من الأحيان طعونا في ضم أراضيهم أمام المجلس الأعلى طبقا لما هو محدد في الفصل 12 من ظهير 30 يونيو 1962
الفقرة الثانية: المصادقة على مشروع الضم
بعد أن تنهي لجنة الضم أعمالها المرتبطة بالمشروع ويصبح الملف جاهزا ونهائيا فإن رئيس اللجنة يحيله إلى وزير الفلاحة للمصادقة عليه طبقا لمقتضيات الفصل 13 من ظهير 30 يونيو 1962،إذ جاء فيه" تحدد اللجنة بصفة نهائية مشروع ضم الأراضي بعضها إلى بعض ثم يعرضه وزير الفلاحة للمصادقة عليه بموجب مرسوم،وإذا طلب رئيس الحكومة إدخال تعديل على المشروع فيرجع إلى اللجنة التي تقوم بعملها طبقا للكيفية المبينة في المقطع الثاني من الفصل11"
فكما هو مبين في الفصل أعلاه يوجه رئيس اللجنة الملف لوزير الفلاحة الذي يحيله بدوره إلى الوزير الأول للإطلاع عليه وعلى مختلف الوثائق المرفقة به والتي تم إعدادها منذ بداية المشروع إلى نهايته،فإذا استوفى الملف كافة الشرو اللازمة فتتم المصادقة عليه عبر مرسوم.
غير أنه إذا رأى الوزير الأول أن هناك داع لتعديل الملف فإنه يعيد الملف إلى لجنة الضم الذي أشرفت عليه منذ البداية لتلتزم بإعادة دراسته وفق التعديلات المطلوبة.
كما أن المشروع لا يحظى دائما بالقبول والمصادقة بمجرد توجيهه إلى وزير الفلاحة أو الوزير الأول،فقد يحدث أن يرفض هذا الأخير المصادقة عليه بصفة نهائية لوجود سبب وجيه كتجاوز لجنة الضم حدود إختصاصها الترابي المحدد في نطاق القطاع محل عملية الضم مثلا...وقد رفضت عملية الضم بعدة مناطق كما هي حالة كل من تازة وسطات
المبحث الثاني :آثار عملية الضم و الاكراهات التي تواجهها
إن أهم ما سعى إليه المشرع من سن ظهير 30 يونيو 1962 بشأن ضم الاراضي بعضها الى بعض، هو جمع الأراضي المشتتة و المجزأة الى قطع متفرقة داخل دوائر الضم و العائدة لنفس المالك أو لنفس الملاك على الشياع الى قطعة أرضية واحدة ، مما لتسهيل عمليات الاستثمار الفلاحي فيها . ولعل ذلك ما حدا بالمشرع تخصيص عمليات الضم هاته بأحكام خاصة بها ، و خاصة من حيث الآثار التي تترتب على هذه العملية .لكن تجدر الاشارة الى انه بالرغم من النتائج الايجابية التي تحققها هذه العمليات ، فانه في الواقع عرف تطبيق النصوص القانونية المنظمة لها مجموعة من العراقيل و العديد من الاشكاليات.
المطلب الأول: آثار عملية الضم.
انطلاقا من الأهمية الكبيرة التي يضطلع بها القطاع الفلاحي عامة و الأراضي المضمومة على سبيل الخصوص في النسيج الاقتصادي و الاجتماعي الوطني ، فقد ارتأى المشرع المغربي فرض مجموعة من القيود على حرية التصرف في الأراضي موضوع الضم ،حيث رتب مجموعة من الآثار على صدور قرار الضم . على أن هذه الآثار تختلف بين ما إذا كان قد صدر مرسوم المصادقة على مشروع الضم أم لم يصدر بعد .الفقرة الأولى: آثار هذه العملية قبل المصادقة على مشروع الضم.
رتب المشرع على صدور قرار ضم الاراضي بعضها الى بعض مجموعة من الآثار ، حيث نجد الفصل الرابع مكرر من ظهير 30 يونيو 1962 يمنع القيام بأي تفويتات أثناء جريان مسطرة الضم و قبل نشر مرسوم المصادقة على ضم الأراضي بعضها إلى بعض، سواء كانت هذه التفويتات بعوض أو بغير عوض . و هو ما ذهب إليه المجلس الأعلى في إحدى قراراته و الذي جاء فيه :"حيث أن مشروع ضم الأراضي لما قد يؤدي إليه تنفيذه من مقايضة بين العقارات المتجاورة بحيث يعطي مالك قطعة أو قطع معينة في مكان معين قطعة أخرى بديلة كانت على ملك شخص آخر.
و تفاديا لما قد ينتهي إليه من تغيير في وضعية العقارات على هذا النحو منع المشرع تفويتها إلى أن تقع المصادقة على مشروع الضم"
و تطبيقا لنفس الفصل المذكور فانه لا يجوز للمالك القيام بقسمة الأراضي موضوع عملية الضم قبل نشر مرسوم المصادقة بالجريدة الرسمية.
و من الآثار كذلك منع الملاك أو المستغلين أو كل من يهمه أمر هذه الأراضي ،من تغيير حالتها ،إلا بالحصول على إذن مسبق بذلك من لجنة الضم ،و يشمل تغيير حالة الأراضي حسب الفصل السابع من ظهير 30 يونيو 1962 (بشان ضم الأراضي بعضها إلى بعض )تنقيتها أو غرسها بأشجار أو تشييد بنايات فيها بمواد صلبة أو حفر آبار أو تخطيط مسالك للوصول إليها أو هدم ما يوجد فيها من البناء أو إنجاز أي عمل من هذا القبيل.
الفقرة الثانية:آثار العملية بعد المصادقة على مشروع الضم:
يترتب على صدور المرسوم المصادق بموجبه على مشروع الضم مجموعة من الآثار سواء بالنسبة للملاك أو في مواجهة الغير.
هكذا و بالرجوع للفصل 18 من ظهير 30 يونيو 1962 بشان ضم الأراضي بعضها إلى بعض فان صدور المرسوم المذكور و نشره بالجريدة الرسمية يعد بمثابة نقل لملكية العقارات المضمومة، بحيث تنتقل ملكية هذه الأراضي من المالك القديم إلى المالك الجديد.
و هنا قد يتبادر للذهن بأنه بمجرد نشر هذا المرسوم تنتقل ملكية الأراضي المضمومة إلى مالكها الجديد لكن الأمر ليس كذلك بحيث يتوقف نقل الملكية على التقييد بالرسم العقاري خصوصا و أن هذا الأخير لا يعترف إلا بما هو مقيد فيه و ابتداء من تاريخ هذا التقييد.
كما يترتب على نشر المرسوم الصادر بالمصادقة على مشروع الضم منع تقسيم القطع الأرضية الموجودة بالمنطقة التي وقع ضم أراضيها بعضها على بعض، إلا في حالة وجود إذن سابق بذلك من لجنة الضم.وطبقا للفصل 22 من ظهير 30 يونيو 1962 كما تم تعديله بموجب ظهير 25 يوليوز 1969 على أن الإذن بالقسمة مشروط ببقاء وتخصيص كل تجزئة جديدة بمنافذ تماثل المنافذ التي كانت للعقار المقسم إلا إذا كانت القطع الجديدة تستفيد من نفس الإمكانيات الخاصة بالري والاستثمار.
ومن بين الآثار كذلك أن الحقوق التي كانت للأغيار على الأراضي التي كان يملكها الأشخاص المضمومة أراضيهم، والناتجة عن حق شخصي كالرهن الرسمي مثلا تنتقل إلى القطعة الجديدة، بحيث يمكن أن يتزاحم العديد من الدائنين على القطعة الأرضية الجديدة بعدما كان لكل واحد منهم حق على قطعة أرضية مستقلة في الحالة التي كان يملك فيها المدين قطعا أرضية متفرقة قبل الضم.
أما فيما يخص مكتري القطعة التي تم ضمها فيكون من حقه أن يختار إما نقل هذا الحق إلى القطعة الأرضية الجديدة أو فسخ بنود عقد الكراء كلا أو بعضا من غير تعويض.
المطلب الثاني: الاكراهات التي تواجهها مشاريع الضم وبعض الحلول المقترحة لتجاوزها.
الفقرة الأولى: بعض الاكراهات التي تواجه مشاريع الضم.
يكاد الكل يجمع على أن عملية ضم الأراضي إيجابية كونها تضمن حق الملكية عبر إحداث رسوم عقارية بالمجان للقطع المضمومة وأنها تحدث قطع مجدية وذات حجم تساعد على استعمال الآليات الفلاحية الحديثة مما يرفع من مردوديتها ومن الإنتاجية.
إلا أنه ورغم هذه الامتيازات فإن عملية ضم الأراضي الفلاحية تعترضها مجموعة من الإكراهات والتي تظهر على وجه الخصوص أثناء جريان المسطرة المتبعة في إخراج هذه المشاريع إلى حيز الوجود. من هذه الإكراهات ما يعود للمؤسسات المتدخلة في عملية الضم ومنها ما يعود للملاك.
حيث نسجل في هذا الإطار تداخل الأجهزة الإدارية المشرفة على هذه العملية والمتمثلة في:
• وزارة الفلاحة: في شخص وزيرها والذي يبدأ دوره من يوم إصدار القرار المحدد بموجبه للمنطقة المعنية أراضيها بالضم. فيأذن بموجبه في افتتاح عمليات الضم وانجاز الأبحاث وأشغال مسح الأراضي.
ثم بعد انتهاء كافة الأشغال وبعد استشارة المجالس الجماعية المعنية يصدر قرار آخر يصادق بموجبه على مشروع الضم.
• لجان الضم واللجان المحلية: التي يعهد إليها تتبع المسطرة وإبداء الاقتراحات ومراقبة التصرفات المادية والقانونية للملاك.
• المجالس المحلية: والتي تتولى إعداد الاستشارات المطلوبة بحكم قربها من المواطنين أصحاب الأراضي من جهة ومن جهة ثانية بحكم معرفتها المباشرة والمسبقة للمنطقة .¹
• الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية: حيث تتلقى طلبات التحفظ وقبول التعرضات ومباشرة كافة العمليات المرتبطة بمسطرة التحفيظ.
• القضاء: في حالة تقديم تعرضات حيث يتولى الفصل فيها أو تقديم طعون أمامه ضد قرارات لجنة الضم.
حيث أنه وأمام كثرة هذه الأجهزة وتداخلها فلا يمكن للنتائج إلا أن تكون سلبية حيث نسجل في هذا الإطار بطء الإجراءات المصاحبة لمسطرة الضم وطول الوقت الذي تستغرقه بسبب تعطل صدور المراسيم النهائية حيث تبقى عملية الضم معلقة بل أكثر من ذلك قد تتوقف بشكل نهائي دون الإعلان عن هذا التوقف رسميا وبشكل صريح.
ومن المشاكل كذلك:
- الضعف في القيمة الحقيقية للقطع الممنوحة بعد الضم
- جهل الفلاحين بتفاصيل المقتضيات القانونية المنظمة لعملية ضم الأراضي.
- غياب وثائق إثبات الأراضي المستغلة، مما يؤدي إلى تخوف الملاكين من التعرضات التي قد تجلب لهم العديد من النزاعات والمشاكل.
- غياب بعض الملاك أثناء إجراء البحوث القانونية والاجتماعية.
- غياب الإرشاد لعملية الضم قبل انطلاقها مما يؤدي إلى عدم انخراط الملاكين بشكل إيجابي في مشروع الضم.
الفقرة الثانية : بعض الاقتراحات لمواجهة المشاكل المطروحة:
أمام النتائج الإيجابية التي يحققها ضم الأراضي بعضها إلى بعض فلا يمكننا إلا التشجيع على المضي قدما في عملية الضم والعمل على التخلص من المشاكل التي تعترض هذه المشاريع والمشار إلى بعضها أعلاه . في هذا الإطار نقدم بعض الاقتراحات لتجاوز هذه الصعوبات والتي منها ما هو مرتبط باختيار قطاع الضم ومنها ما يرتبط بالهيئات المتدخلة ومنها ما يرتبط بمدة المسطرة.
• اختيار قطاع الضم:
حيث نرى أنه يجب وضع معايير موضوعية ودقيقة يتم على أساسها اختيار المناطق التي يجب أن يشملها مشروع ضم الأراضي بعضها إلى بعض، إضافة إلى القيام بدراسات معمقة للمجال السوسيو اقتصادي للملاكين المعنيين والمعطيات التي تخص الوسط الطبيعي، الماء، نوعية التربة والزراعة السائدة إضافة إلى نمط الإنتاج وإمكانيات الاستثمار والتسويق.
• الهيئات المتدخلة:
لقد توخى المشرع من وراء إسناد الاختصاص لكل الهيئات المذكورة الإسراع في انجاز عملية الضم والحيلولة دون الأضرار بحقوق ملاك الأراضي ومستغليها، إلا أن هذا التعداد والتداخل قد أوجد في أحيان كثيرة نتائج عكسية وهذا راجع بالأساس إلى اختلاف أساليب العمل وتفاوت الإمكانيات المالية والبشرية المتوفرة لدى كل جهاز. ¹
ونخص بالذكر هنا لجنة الضم والتي نرى ضرورة التدخل لتغيير طبيعة تكوينها والذي يطفى عليه الطابع الإداري بحيث يجب إدخال المسؤولين السياسين وممثلي الملاك، ويجب كذلك إعادة النظر في رئاستها بحيث يمكن أن يعهد بها إلى قاضي عوض ممثلي السلطات المحلية (القائد أو العامل)، أو إلى المحافظ على الملكية العقارية باعتبار أن اختصاصه الأصيل مرتبط بالعقار.
• مدة الانجاز:
أمام طول مدة انجاز مشاريع الضم وما يعرفه العقار من قيود في الفقرة التي تبتدئ فيها المسطرة وتاريخ نشر مرسوم المصادقة على مشروع الضم بالجريدة الرسمية فإن الأمر يؤدي إلى فشل عملية الضم وعدم الإقبال عليه. ولتجاوز هذا الأشكال. نقترح تحديد أجل إنجاز مشروع الضم في حدود 4 إلى 5 سنوات، وفي حالة تجاوز هذه المدة يجب إلغاء هذه العملية.
خاتمة
من خلال ما سبق تحليله في هذا العرض،تم الوقوف على عدة إشكاليات من قبيل تعدد الظهائرالمنظمة وتداخل الأجهزة أو اللجان المكلفة بعملية ضم الأراضي زد على ذلك بطئ تنفيذها وعدم قدرة السلطات المحلية على مراقبة المناطق التي تم ضمها مما يجعل هذه المناطق مجالا خصبا للبناء العشوائي والفوضوي بعيدا عن تحكم السلطات المختصة.إظافة إلى كل ذلك فإن تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب من أملاك مخزنية وأملاك حبسية..من شأنه أن يعرقل عملية ضم الأراضي ومنه عدم السماح بإستغلال الأراضي الفلاحية على أكمل وجه،وهو ما يعرقل تنفيذ الأهداف الإقتصادية والتنموية المرجوة.
في الختام وجب التأكيد على شيء أساسي ومهم هو أن قانون الضم في الوقت الذي آمن فيه بأهمية تبسيط مسطرة التحفيظ وتعميمها وتبنى لها معايير تختلف عن تلك الواردة في مسطرة التحفيظ العادية فإنه بالمقابل-اي قانون الضم- لم يستطع التخلص من من مجموعة من التعقيدات المسطرية التي حالت دون الإسراع في تنفيذ مشاريع الضم.
ومن هنا يلاحظ أنه آن الأوان لإعادة صياغة قانون الضم وعصرنته بما يحقق إنجاز الغاية التي صدر لأجلها وهي حماية الرصيد العقاري الفلاحي من الإندثار.