الاثنين، 10 مارس 2014

علم الأرض: إعادة النظر في شق النهر

يوحي تجميع مجموعة بيانات بأن قياسات نحت النهر في الصخر تعتمد على مقياس الرصد الزمني، ويلقي ظلالًا من الشك على ما إذا كانت المدرجات والأشكال الأرضية الأخرى المشقوقة تسجل بأمانة تغيرات المناخ والتكتونيات، أم لا.

رومان إيه دايبياز
يزوِّدنا نسق الأشكال الأرضية المتبقية وأعمارها ـ مثل المدرجات التي شقتها الأنهار ـ بأفضل سجل للتغيرات التي طرأت على ارتفاع سطح الأرض على مدى آلاف وملايين السنين. ونتيجة لذلك.. كُرِّس الكثير من الجهد لتحديد عمر الأشكال الأرضية للأساس الصخري1 والرواسب المترسبة على المدرجات2 وفي الكهوف3؛ لحصر حجم شق النهر وتوقيته. يتحدى فينِجان وآخرون4 التصور القائل إن أعمار الأشكال الأرضية المتبقية للأنهار صخريِّة الأساس (شكل 1) تحتفظ ببصمة التأثير المناخي والتكتوني. وبدلًا من ذلك.. يسوق المؤلفان حججًا بأن الطبيعة المتقطعة لشق نهر صخري الأساس تعني أن محاولات قياس معدلات الشق طويلة الأجل منزاحة بطبيعتها من خلال المقياس الزمني الذي عليه تؤخذ متوسطاتها.
لقطة جوية لمدرجات نهر في رأس تيان شان، بالصين. يجادل فينيجان وآخرون4 بأن معدلات شق النهر في صخر الأساس ـ التي تتحدد من الأشكال الأرضية المؤرَّخة مثل هذه ـ منحازة بفعل المقياس الزمني الذي تقاس عليه

الأنهار الصخرية تضبط وتيرة تطور الصُقع (Landscape)، وتشكل رابطًا مهمًّا بين النظم التكتونية والمناخية للأرض. فبينما ترتفع سلاسل الجبال، تتسبب الزيادات في التضاريس الطبوغرافية في شق صخر الأساس نحو اتزان بين التعرية والرفع. وبالإضافة إلى ذلك.. فإن قدرة الأنهار على شق الصخور ونقل الرواسب محكومة بحجم الفيضانات ومعدلات حدوثها. هذه الفيضانات حساسة للتغيرات المناخية التي بدورها قد تكون مدفوعة بعمليات تكتونية. في العقود الأخيرة، ثمة فرضيات استفزازية5 بشأن الاقتران المحتمل بين المناخ والحركات التكتونية والتعرية دفعت إلى ضرورة فهم كمّي لآليات شق النهر6.
إن فكرة وجود رابط بين معدلات التغير في ارتفاع السطح والمقياس الزمني المستخدم في القياس معروفة في علم الطبقات؛ وهذه الإزاحة تُعرَف باسم تأثير سادلر، إثر اكتشاف عالم الأرض7 بيتر سادلر لها. ففي السجل الرسوبي، فإن تاريخ الترسيب ليس متصلًا، ولكن تتخلله فجوات عدم ترسب أو تعرية، ترجع لديناميكيات عمليات الترسيب. ونتيجة لذلك.. فإن قياسات معدلات الترسب على مقياس زمني أقصر من أطول فجوة سوف تبالغ في تقدير متوسط المعدلات طويلة الأجل بطريقة يمكن التنبؤ بها8. أتكون إزاحة مماثلة موجودة في أصقاع تعرية خالصة؟
تَعامَل فينِجان وآخرون مع هذه المشكلة عن طريق تجميع مجموعة بيانات عالمية لسجلات شق من مدرجات وكهوف وتدفق حمم مؤرَّخة. وقد أظهروا أنه ـ في العموم ـ تنخفض معدلات الشق بزيادة فترات القياس. وقام المؤلفون بتمشيط دراسات منشورة عن مواقع ميدانية لديها مستويات متعددة من الأشكال الأرضية المشقوقة المؤرخة تمتد على مدى واسع من العمر، وحللوا سجلات من ظروف تكتونية مختلفة، بما في ذلك الارتفاع السريع في مضيق منتصف نهر السند بجبال الهيمالايا والأنهار التي تصرف في جبال الأبالاش بشرق الولايات المتحدة الهامدة تكتونيًّا. وجد الباحثون، في 11 موقعًا من 14، زيادة واضحة في معدلات الشق نحو يومنا هذا. وهذه العلاقة تظهر قوية عبر أربع رتب من عمر الشكل الأرضي، من الآلاف إلى عشرات ملايين السنين، وهي مستقلة عن أي ظروف تكتونية أو نوع الشكل الأرضي.
أرجع الباحثون سبب هذا إلى أن علاقة القياس المرصودة هي نتيجة لتقطع شق نهر وعدم اتصاله، وقد استخدموا نموذجًا يسير على نحو عشوائي لإظهار هذا التأثير. في هذا النموذج، كلما اتسع وقت نافذة الرصد، زاد احتمال شهود زمن طويل بلا تعرية، وينشأ تباعًا قانون معكوس أُس القياس بين معدل الشق المستدل ومقياس الفترة الزمنية. يطرح فينِجان وآخرون أن الفجوات في شق النهر تحدث عندما تغطيه الرواسب وتحمي قاع النهر من النحت، وتكون مناظرة لفجوات في السجل الرسوبي. ويعني هذا أن التعرية، وكذلك الأصقاع الترسيبية، تخضع لإزاحة في الرصد عند استخلاص المعدلات التي تصل لمعدلها المتوسط على مدد زمنية متباينة.
إن التشابه في سلوك القياس لمواقع من مجموعة واسعة من الظروف التكتونية يلمح إلى وجود دافع مشترك للتسريع المحسوس لمعدلات الشق، ولكن هناك عدد قليل من العوامل التي تعقد هذا التفسير. أولًا، أن الدرجات المهجورة للمدرجات والوديان العميقة التي تستبقي علامات الشق وتحتفظ بها هي أشكال أرضية دقيقة متوقعة للأصقاع التي تمر بزيادة فعلية في التعرية نتيجة لتغير المناخ والتكتونيات9. وثمة حاجة إلى مزيد من المعلومات المستقلة من هذه الأصقاع لتوفير محددات لمعقولية التعرية المنتظمة التي يفترضها ضمنيًا فينِجان وزملاؤه.
ثانيًا، على الرغم من وجود جدل بسيط بأن شق نهر يحدث متقطعًا وحسب، وأن الترسيب استجابة لانهيارات أرضية يمكنه حماية قاع النهر من التعرية على امتداد فترات زمنية ألفية10، فمن غير الواضح ما هي العمليات الطبيعية التي تقود إلى فجوات في شق بمقياس زمني من مليون إلى عشرة ملايين سنة. مثل هذه المقاييس الزمنية الطويلة تمتد على عدة دورات مناخ جليدية وبين جليدية، وربما تعكس أيضًا صلة لعمليات أرضية عميقة. وقد تكون أكثر التداعيات إثارة بالنسبة لدراسة فينِجان وزملائه هي فكرة أن معدلات انخفاض الصقع طويلة الأجل ربما تكون أكثر حساسية لوتيرة الأحداث الترسيبية ومقدارها منها لآليات شق النهر في صخر الأساس.
إذا كانت نتائج الباحثين تحمل حقيقة، فإن سؤالًا طبيعيًّا يطرح نفسه، أيمكن فك شفرة التغيرات في وتيرة تطور صقع من أصقاع التعرية الخالصة؟ يُظهِر العمل على الأصقاع الترسيبية أن الإزاحة في المحافظة على طبقية ذات بعد واحد يختفي عندما يؤخذ التوزيع المكاني لكل من المحفوظ من الرواسب والفجوات داخل الحوض في الحسبان11-13. وبدمج المتوسط المكاني لأصقاع التعرية المماثلة12،13، أو عبر أخذ التغيرات في انخفاض ميل تل بمرور الوقت في الحسبان باستخدام قياسات زمنية مختلفة14، فقد يكون من الممكن التغلب على بعض هذه الإزاحات.
أخيرًا، لفهم تأثير التكتونيات واستخدام الأراضي وتغير المناخ على معدلات التعرية، نحن بحاجة إلى وسيلة قوية لمقارنة معدلات القياس على مدى فترات زمنية مختلفة. ورغم أن المهمة تمثل تحديًا، فإن تشخيص الدرجة التي لا تضطرد عندها هذه المعدلات ووصفها ـ بدراسة العمليات التي تتحكم في التعرية والترسيب ـ أمر جوهري لتفسير المعدلات المُقاسة على مدى فترات مختلفة من تاريخ الأرض، وللتنبؤ بأي تغيير في المستقبل.


  1. Leland, J., Reid, M. R., Burbank, D. W., Finkel, R. & Caffee, M. Earth Planet. Sci. Lett. 154, 93–107 (1998).
  2. Anderson, R. S., Repka, J. L. & Dick, G. S. Geology 24, 47–51 (1996).
  3. Granger, D. E., Kirchner, J. W. & Finkel, R. C. Geology 25, 107–110 (1997).
  4. Finnegan, N. J., Schumer, R. & Finnegan, S. Nature 505, 391–394 (2014).
  5. Raymo, M. E. & Ruddiman, W. F. Nature 359, 117–122 (1992).
  6. Whipple, K. X. Nature Geosci. 2, 97–104 (2009).
  7. Sadler, P. M. J. Geol. 89, 569–584 (1981).
  8. Schumer, R. & Jerolmack, D. J. J. Geophys. Res. 114, F00A06 (2009).
  9. Crosby, B. T. & Whipple, K. X. Geomorphology 82, 16–38 (2006).
  10. Korup, O., Montgomery, D. R. & Hewitt, K. Proc. Natl Acad. Sci. USA 107, 5317–5322 (2010).
  11. Peters, S. E. J. Geol. 114, 391–412 (2006).
  12. Sadler, P. M. & Jerolmack, D. J. in Strata and Time: Probing the Gaps in Our Understanding (eds Smith, D. & Burgess, P.) (Geol. Soc. Lond. Spec. Publ., in the press).
  13. Sadler, P. Geol. Soc. Am. Abstr. Programs 45, 86 (2013).
  14. Herman, F. et alNature 504, 423–426 (2013).