محمد التفراوتي
موقع وليلي مجموعة أثرية رائعة في شمال غرب المغرب يستمد شموخ مبانيه من حقبة قديمة. يبعد 30 كيلومتراً شمال مدينة مكناس و60 كيلومتراً غرب مدينة فاس، ويمتد فوق هضبة عند سفح جبل زرهون على مساحة 42 هكتاراً.
موقع وليلي مجموعة أثرية رائعة في شمال غرب المغرب يستمد شموخ مبانيه من حقبة قديمة. يبعد 30 كيلومتراً شمال مدينة مكناس و60 كيلومتراً غرب مدينة فاس، ويمتد فوق هضبة عند سفح جبل زرهون على مساحة 42 هكتاراً.
موقع وليلي السياحي |
تعود تسمية وليلي، أو فوليبيليس باللاتينية، إلى اللغة الأمازيغية
الأصلية، ومعناها نوع من الزهر. وتدل آثار الموقع على تعاقب عدة حضارات، من
عصور ما قبل التاريخ إلى العهد الإسلامي. وهي تشهد بشكل خاص على حضارة
المدينة الرومانية التي عمرت طويلاً في المنطقة، ابتداء من القرن الثالث
قبل الميلاد وحتى قيام دولة الأدارسة عام 788 بعد الميلاد.
يبدو الموقع جاثماً بجلال على التلة المقابلة لمدينة مولاي إدريس
زرهون، وهي أول مدينة إسلامية في شمال أفريقيا، جعلها مؤسس الدولة
الإدريسية إدريس الأول عاصمة له.
كانت مدينة وليلي عاصمة «موريتانيا الطنجية»، وهو الاسم القديم
للمغرب. تميزت بأراض زراعية خصبة وموارد مائية وافرة، خصوصاً من نهري
الخمان وفرطاسة، فضلاً عن مواد البناء التي توفرها محاجر جبل زرهون.
استوطنها الرومان خلال احتلالهم شمال أفريقيا، بعد قيام الإمبراطور
كاليغولا بقتل بتوليمي ابن الملك الأمازيغي يوبا الثاني. ويكشف الموقع عن
مشهد فني بديع يضم الفسيفساء (موازييك) وتماثيل الرخام والأعمدة والنقوش
الرائعة التي تعكس الثقافة الرومانية وثقافة السكان الأصليين.
وتضم المدينة أبنية ومرافق عمومية، من حمامات ودكاكين ومخابز، فضلاً
عن معبد الكابيتول المخصص للثالوث زحل وجينون ومينرفا. ومن الآثار التي
خلفها الرومان أيضاً مطاحن الحبوب ومعاصر الزيتون والأقواس، ومنها قوس
النصر الذي يحمل اسم الإمبراطور كركلا الذي أعيد ترميمه عام 1930 اعتماداً
على وثائق قديمة تعود إلى العام 1821. وتبدو مخلفات سور دفاعي تتخلله
ثمانية أبواب وأبراج للمراقبة، يمتد على مسافة كيلومترين، شيده الإمبراطور
ماركوس أوريليوس.
المؤسف أن أناساً قليلين خارج المغرب سمعوا بموقع وليلي، الذي تم
إدراجه عام 1997 على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. وهو يستحق من
السلطات السياحية في المغرب ترويجاً يجلب إليه أعداداً أكبر من الزوار. بل
إن تطوير هذا الموقع، ومواقع داخلية كثيرة في بلدان عربية تعتمد حالياً على
المراكز السياحية البحرية، سيكون أمراً حيوياً مع التغير المناخي الداهم.
وقد نبه تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية عن أثر تغير المناخ على
الدول العربية إلى أن تآكل الشواطئ وارتفاع مستويات البحار سيؤثران على
المراكز السياحية الساحلية، وبالدرجة الأولى في مصر والمغرب وتونس وسورية
والأردن ولبنان. ودعا إلى استكشاف خيارات لسياحة داخلية بديلة تكون أقل
تعرضاً لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك السياحة الثقافية.
لمتابعتنا على الفيسبوك