نحن نعيش في عالم يفوق سكانه من الحضر نظرائه في الريف لدرجة يمكن القول معها أنه في غضون العشرين السنة القادمة سيعيش معظم سكان العالم في أماكن حضارية ، في الوقت الذي سيهجر فيه سكان الريف مكان سكنهم للعيش في رحاب المدينة، وربما يأتي اليوم الذي يصبح فيه أهل الريف مدنيين، الأمر الذي يجعل من جغرافية الحضر أو المدن من أكثر فروع الجغرافية ديناميكية في مجال البحث، على الرغم من أن هذا الفرع يعد من الفروع الجغرافية الحديثة النشأة الذي ترجع إلى بداية هذا القرن استمرارا لقيام الثورة الصناعية إلا انها تطورت تطورا ملحوظا في خلال فترة وجيزة مقارنة مع باقي فروع الجغرافيا الأخرى، ومر بمراحل تطور هائلة، ولعل أكثر المراحل ديناميكية هي التي يمر بها في الوقت الحاضر مما يستدعي محاولة اللحاق بهذا التطور.
حظي هذا الفرع من العلوم باهتمام كبير من قبل العديد من المختصين، لم تقتصر دراسة الحضر على الجغرافيين إذ سبق أن تناوله الديموغرافيون وعلماء الاجتماع وغيرهم.
واهتمت بعض العلوم اهتماما خاصا بالمدينة في أبحاثها ودراستها، كعلم الاجتماع والانتربولوجيا وعلم التخطيط والجغرافية، فالمدينة ظاهرة اصطلح عليها الناس منذ زمن طويل إلا أن تناولهم لهذه الظاهر لم يكن متفق عليها، لدرجة أن الجغرافيين لم يختلفوا على ظاهرة كاختلافهم على إعطاء تعريف شامل للحضر والمدينة بشكل خاص، فكل منهم كانت له نظرته الخاصة به فقط واجتهد المختصون كثيرا في وضع تعاريف ومفاهيم لكل من الحضر والمدن وتعددت هذه المفاهيم، فعرف التحضر على انه عملية تنقل إلى الحضر أو انتقال إلى المدن والتحول من الزراعة إلى غيرها من المهن الشائعة في المدن وما يرتبط بذلك من تغير في الأنماط، السلوكية، كما يعني التحضر التمدن وهو زيادة تناسب السكان الذين يقطنون في منطقة حضرية.